ولد الشريف الحسين بن علي في استانبول عام 1852 م اثناء وجود والده هناك وتلقى علومه الاولى فيها ليعود الى مكة وينشأ فيها على العروبة وقيم الاسلام فتبرز مواهبه وتوجهاته التي تدعو الى التخلص من الحكم الاجنبي وتحقيق الاستقلال العربي فكان أن نفي النفي الاول عام 1893 الى استانبول ليمكث فيها حتى عام 1908 فيعود أميرا على مكة يدير شؤون البلاد بعدالة وحكمة: وهو يتطلع الى الاستقلال العربي التام الذي كان يعمل من أجله.
وحين كانت الظروف مواتية لإعلان الثورة العربية الكبرى خاصة بعد نجاح الامير فيصل في مسعاه مع الاحرار العرب في دمشق وغيرها, فجر الشريف الحسين طيب الله ثراه رصاصة الثورة العربية الكبرى يوم العاشر من حزيران من عام 1916 معلنا بدء العمليات العسكرية بقيادة أنجاله الامراء علي وعبدالله وفيصل وزيد التي تقدمت وهي تحقق الانتصارات التي توجت بتأسيس الدولة العربية الاولى في سورية ومن ثم العراق ومن ثم كانت الدولة الاردنية.
والحسين بن علي طيب الله ثراه كان ثابتا عند مواقفه حازما خاصة حين الحديث عن فلسطين والقدس وقد رفض كل المعاهدات والاتفاقيات التي لا تنص صراحة على عروبة فلسطين والقدس.
وكان الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه قدم تبرعا سخيا لإعمار المسجد الاقصى عام 1924 جاوز الثلاثين الف ليرة ذهبية والذي جاء في فترة دقيقة حين كانت جدران المسجد الاقصى وسقوفه تتعرض للتلف, ويستذكر اهل فلسطين والمجلس الاسلامي الاعلى في القدس هذا التبرع والاعمار خاصة بعد حدوث الزلزال المدمر عام 1927 والذي لولا لطف الله اولا والاعمار الهاشمي وترميم الاقصى لحدث ما لا تحمد عقباه.
وتعرض الشريف الحسين بن علي للنفي من جديد عام 1926 ونقل الى قبرص ليقيم فيها ولكنه عاش فترة حياته هناك ملكا قائدا لا ينقطع عن التواصل مع أعيان الامة يزورونه ويستذكرون مجده وهو يواصل خدمته للامة وقد كان على علاقة وثيقة مع المجتمع المحلي وقد تبرع الشريف الحسين في قبرص لإعمار الكنيسة الارمنية فيها.
الشريف الحسين بن علي الذي أراده العرب قاطبة قائدا لثورتهم حمل مشعل الحرية وناضل بصدق واخلاص لا يبتغي غير مرضاة الله سبحانه وتعالى, نستذكر سيرته العطرة التي تشكل تاريخا مجيدا ناصعا وصفحة عز في تاريخ الاشراف العرب وقادتها المخلصين توفاه الله في الثالث من حزيران من عام 1931 في عمان في قصر رغدان، ويأبى أعيان القدس الا ان يكون سَكِين الاقصى التي أحبها وتبرع لاعمارها وأخلص لقضيتها فينقل الملك الثائر يوم الرابع من حزيران الى القدس ليوارى الثرى في المسجد الاقصى وكأننا مع جلالته رحمه الله نردد قوله المشهور الذي افصح به حين نفيه الثاني: مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها.
ونستذكر قول العرب في جنازته الشهيرة العظيمة من القدس حين كانوا يرددون.
ايها المولى العظيم فخر كل العرب ملكك الملك الفخيم ملك جدك النبي
وقد رثاه الشاعر العربي الكبير امير الشعراء احمد شوقي بقصيدة طويلة مطلعها:
لك في الارض والسماء مأتم قام بها ابو الملائك هاشم عبرات الكتاب فيها جوار وعيون الحديث فيها سواجم
قعد الان للعزاء وقامت باكيات على الحسين الفواطم