كثيرون منا لديهم صورة عن الشيخ تركي الكايد، بانه زعيم عشائري، ورث المشيخة عن والده الشيخ الشهيد كايد المفلح ، والقليل من جيلنا والجيل الذي سبق يعرف ان كفاحه بدأ مع كفاح والده.. حيث بدأ ضد فساد الادارة العثمانية، مرورا بدعم احرار سورية، الى حمل السلاح والقتال في معركة «تل الثعالب» عام 1920م ضد المعسكرات البريطانية والمستوطنات اليهودية، ومن ثم حمل المسؤولية النضالية بعد استشهاد والده، وظل صلبا قوي الارادة والثوابت حتى وفاته.
نسـبه وعائـلـته :
ينسب الشيخ تركي بن كايد بن مفلح بن جبر ، وعشيرته الى الجد المؤسس في الاردن الشيخ عبيد بن محمد بن عبيد بن عاطف بن مصطفى بن عبيد الله بن محمد بن ابراهيم بن عبدالله بن الحسن بن علي بن عبدالله بن بركات بن الرضي بن الصادق بن علي بن جعفر «الصغير» بن هاشم بن عبيد الله بن جعفر بن ابي طالب «رضي الله عنه».
كان الجيل الاول من العشيرة- قبل الهجرة من الحجاز في مطع القرن السابع عشر- يقيم في مدينة «ينبع»، بزعامة الشيوخ: عبيد، واحمد، وحمدان، ومحمد، ومصطفى . وكانت حياتهم ما بين البداوة والحضر، وصحراوية احيانا، وساحلية- على البحر الاحمر- في معظم الاحايين، ويملكون الاراضي الشاسعة، ويهتمون بتربية الجمال والاغنام، ويتباهون بخيولهم العربية.
وكانت لهم «مشيخة» او «امارة» في ينبع، يقول في ذلك الدكتور معين وصفي القدومي في دراسة اعدها عام 1991م، بعنوان «مشيخة السواركة والحناجرة» ما يلي:
«سكنت عشائر هذه المشيخة في «ينبع النخيل» قرب المدينة المنورة، وارتحل معظمهم الى سيناء وبئر السبع «ويعرفون حاليا بـ عرب العبيدات ولهم مساحة واسعة على خارطة فلسطين» ومن ثم الى مناطق متعددة في فلسطين والاردن وسورية، والعراق، ومصر، والمغرب العربي، وليبيا. ومن عشائر هذه المشيخة: ابن الرفيع- الدعمان- المنابعة- الجعافرة- النميلات- المحاسنة- ابو جعفر- العبيدات- النصيرات. الذين يتواجدون في دير البلح وبئر السبع واريحا والسلط والحصن وابطح وعتيل وكفر قدوم، وجد هذه العشائر هو: عكاشة بن محصن بن حرثان بن اسد بن عطية بن بكر بن وائل من نسل عدنان». ويذكر الدكتور معين القدومي في دراسته ان «عكاشة احد اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم» كانت الاردن الاختيار الاول للشيخ «عبيد»، وبعد استراحة غير طويلة في «المعلا» توجه ومن معه الى الطفيلة، ولكن شاءت الاقدار ان يتوفى عند مدخلها، فاستقر «مصطفى» في الطفيلة، اما ولده «احمد» فتوجه الى الشمال الاردني واستقر في قرية «كفرسوم». يقول:
«يرجع نسب العبيدات حسب ما هو موثق الى قبيلة «ابراهيم» اعز قبائل الحجاز، اما جدهم الاكبر فهو «جعفر بن ابي طالب» رضي الله عنه، نزح جدا العبيدات، وهما الاخوان: عبيد واحمد بعائلتيهما وخدمهما من مدينة «ينبع» في الحجاز قرب المدنية المنورة اثر نزاع بينهما وبين اقاربهما، وفرا الى بلدة «العلا» في الحجاز.
التحق بهما بعد مدة ثلاثة اخوة هم: حمدان، الذي يقال لاعقابه الان عشيرة «الطيار» من «ولد علي» ومحمد الذي رحل لاحقا الى طرابلس الغرب بليبيا، ويقال لاعقابه «الجعافرة»، ومصطفى الذي استوطن الطفيلة في جنوب الاردن ويقال لاعقابه «العبيديون»، اما اخوهم الاكبر «عبيدان» فقد ظل في بلاد الحجاز.
توفي عبيد في طريقه الى الطفيلة بعد ان انجب ولدا اسمه احمد، ثم رحل احمد ابن عبيد مع عمه احمد الى شمال الاردن ونزلا قرية كفرسوم، ومنها كبرت العشيرة وتفرعت الى عدة قرى..»
اما المؤرخ السعودي عبدالله بن عبار العنزي، فيذكر في كتابه «اصدق الدلائل في انساب وائل» صفحة «101»، «ان قبيلة العبيدات من قبائل الحجاز التي تعود بنسبها الى «الطيايرة» «نسبة الى جعفر الطيار» من المشارقة من ابناء «مفرج» من ولد علي من ابناء مسلم من عنزه». وفي الصفحة «103» من كتابه، يذكر المؤرخ العنزي انتشار قبيلة العبيدات في الوطن العربي بقوله: «اما الذين ذهبوا الى ليبيا فسكنوا منطقة الجبل الاخضر، حيث تنقسم عشائر العبيدات في ليبيا الى عدة عائلات منها: عائلة «مريم» وعائلة «ابو جازية» وعائلة «العلالقة»، ويطلق على جميع هذه العائلات اسم «العبيدي». ونزح قسم من العلالقة الى الاسكندرية. اما العبيدات في الحجاز فينسبون الى الشيخ عبيدان الذي لم يهاجر الى الاردن مع اخويه الاصغر منه عبيد واحمد». ويؤكد المؤرخ العربي عبدالسلام حمد الحبوني، في كتابه «انساب قبائل العرب» على ان فرع العلالقة من عشيرة العبيدات الليبية، «استقروا في الاسكندرية والقاهرة وبعضهم خيم عند الحدود الليبية المصرية، وهم من ابناء ابراهيم بم عبدالرحيم القناوي، وله ضريح في «قنا» بصعيد مصر، وله عند المصريين مكانة عظيمة».
بينما ينقسم العبيديون في الطفيلة الى الافخاذ التالية: الورقان- السعايدة- عيال- غانم- عيال هليلة- القرعان- الشحادات- القطاطشة- المحاسنة- الداوودية- البدارنة- الرواجفة.
اما في فلسطين ، يقول الدكتور سليمان احمد عبيدات «الجامعة الاردنية» في كتابه «التطور الحضاري لقضاء بني كنانة» صفحة «412» ومصدره كتاب «بلادنا فلسطين الجزء الثالث» صفحة «435» لمؤلفه الاستاذ مصطفى الدباغ، ما يلي: «تتواجد عائلة العبيدات في فلسطين في المناطق التالية: دير البلح من اعمال قطاع غزة، ومنطقة جبل المكبر، وبلدة كفر قدوم، وبلدة بيت ساحور، وتكاثرت عائلة العبيدات في دير البلح عن طريق ذرية الشيخ نصير بن محمد بن ابراهيم، ويبدو ان هجرة الشيخ «نصير تزامنت مع هجرة «عبيد» الى الاردن». تقول الدكتورة امل نصير، في ورقة العمل التي قدمتها في ندوة «رواد من الاردن» يوم 5 نيسان 1998م، ما يلي: «ومن الثابت ان النصيرات هم الفخذ القريب جدا لعشيرتي المهيدات والعبيدات». ويؤكد ذلك الدكتور محمود مهيدات في كتابه «عشائر شمالي الاردن» صفحة «110».
مـوطـنــه :
ولد، ونشأ ، وتوفي ، الشيخ تركي في بلدة كفر سوم، وهي من اقدم القرى واكبرها، في لواء بني كنانة- محافظة اربد. ترتفع عن سطح البحر نحو «455» مترا، ومساحتها حوالي «12» الف دونم، وعدد سكانها حوالي عشرة الاف نسمة، ويشكل موقعها اهمية خاصة تتمثل في كونها ملتقى القرى المجاورة «سحم- سمر- العشة- يبلا- حرثا- الرفيد- عقربا- المزيريب». ويتألف اسمها من مقطعين: كفر، ومعناه «قرية» سوم، ومعناه «الخير» او «العطاء» نسبة الى تطويقها بالينابيع الجوفية، وعشرة من وديان الرمان، ونصف مليون شجرة زيتون تقريبا، اما العلامة اللغوي محمد بن ابي بكر الرازي فقال في قاموسه «مختار الصحاح» انها : «غالية السيمة».
ومن الناحية التاريخية، فهي بلدة بالغة القدم، اذ يقوم جانب من مبانيها فوق مغارات قديمة تعود للعصرين اليوناني والروماني.. وكل ما يوحي بتاريخية البلدة هو ذلك التل القائم على الطرف الجنوبي من البلدة ويعرف باسم «الدير» الذي يدل عليه اسمه الان انه كان فيما مضى بناء لاحد الاديرة القديمة لوجود الاثار الدالة عليه، ويعتقد ان هذا الدير كان من اهم المراكز الدينية للمسيحيين، لقربه من بلدة «ام قيس» التي كانت من اهم المراكز السياسية والدينية والادارية في العهد الروماني، وبالقرب من حوض «الدير» منطقة تسمى «البياض» كانت مأهولة بالسكان حيث وجد فيها الكثير من الرسومات وبعض الاجزاء من جثث الموتى، ولازالت هناك معالم اثرية في هذه المنطقة يعتقد انها كانت احد القصور التي سكنها المتنفذون في تلك المنطقة.
وعلى مسافة كيلو متر واحد من البلدة وجد عشرات المغاور والكهوف تعود الى العصرين الروماني والبيزنطي، نحتت من قبل انسان ذلك العصر، وهي تشبه من حيث طريقة النحت بمدينة البتراء، وهذه المنطقة تسمى الان بـ «القنيدة»، ومن القبائل العربية التي سكنت كفر سوم قبل الاسلام: الغساسنة، والقبن بن جسر، وسيلخ والبهراء. وفي زمن الفتوحات العربية، اصبحت كفر سوم والقرى المجاورة امكنة لحشد الجيوش الاسلامية، ومنها بدأ الزحف المقدس باتجاه اليرموك، حيث تحقق للجيوش الاسلامية النصر على الجيوش الرومانية البيزنطية في اليرموك، وتجدد دورها في معركة حطين وتحرير بيت المقدس على يد البطل صلاح الدين الايوبي، حيث كانت من اهم مراكز تجمع الجيوش الاسلامية.
وفي العهد العثماني، شهدت كفر سوم اول ثورة ضد الحكم العثماني، بقيادة الشيخ «فندي» الذي رفض دفع الضرائب للسلطة، ومنع جنود الاتراك من بناء المعسكرات في القرية وجوارها، مما دفع بالسلطات العثمانية الى مهاجمة القرية واهدرت دم الشيخ فندي، والقت القبض عليه، وحاكمته في طبريا وحكمت عليه بالاعدام، ثم افرجت عنه بفدية طلبها السلطان شخصيا وكانت بخرجين من الذهب.
وفي نهاية القرن التاسع عشر، لجأ الى كفر سوم ثوار فلسطين الذين تمردوا على السلطة العثمانية، فاجارتهم، وامنت لهم الحماية والعيش المشترك في القرية، وقد اصدرت السلطات العثمانية حكم الاعدام بحق اربعة اخوة من عائلة «العلاوي» وقبل تنفيذ حكم الاعدام بساعات هربوا من سجن القدس، وتمكنوا من الوصول الى كفر سوم مشيا على الاقدام.. حول هذا الموضوع كتب الاستاذ احمد علاوي رئيس تحرير جريدة اخبار الاسبوع الاردنية مقالا تحت عنوان «كفر سوم بلد الاصالة والتسامح» في العدد رقم «1572» تاريخ 20 ايلول 1992،م قال فيه: «سألت والدي رحمه الله لماذا اخترتم كفر سوم مقرا ومستقرا وملاذا حين تكالبت عليكم عاديات الزمان وطاردتكم حكومات الظلم والعدوان، فاستوطنتم ارضها وقاسمتم اهلها افراحها واتراحها، وعشقتم هواءها وسماءها وتصاهرتم مع اهلها؟؟ فقال: اوصيك يا ولدي، اذا ادلهمت عليكم يوما الخطوب وحاربتكم الظروف، وضاقت بكم سبل العيش، وفقدتم الامن والامان، ان تذهبوا الى كفر سوم، ففيها عشيرة العبيدات ، امراء في الكرم والمودة والاصالة والرجولة متسامحون في المواقف كلها. رجال في الملمات، الغريب بينهم سيد، والدخيل عندهم يفدونه بالنفس والنفيس،. تختفي بينهم الزلات. ويأسرونك بالوقفات المشرفات! انهم يا ولدي من خيرة الناس، غمرونا بمحبتهم، واسرونا بشمائلهم، ضمدوا جراحاتنا، وصانوا كراماتنا، فما شعرنا يوما بينهم بغبن، فعندما اعلنت السلطات العثمانية ان كل من يؤينا ويتستر علينا سيسام سوء العذاب، استقبلونا بكل المحبة والترحاب، فقاسمونا البيت والارض ورغيف الخبز، فائتمناهم على نسائنا واطفالنا في وقت كنا مطاردين ومحكومين بالاعدام، لا ننام في بيوتنا، ونهيم مشردين شهورا بين هضاب فلسطين والاردن، نفترش الارض ونلتحف السماء».
وفي ختام مقالته المطولة يقول احمد علاوي: «هذه كفر سوم التي اعتز بشرف ولادتي في ربوعها- تعلمت في مضافاتها وكتاتيبها محبة الوطن وصلابة الانتماء، قرية يضرب المثل في تضامنها ووحدتها، عانت الكثير، وتحملت الكثير الكثير، لا يشعر فيها اي انسان بالغربة، فاهلها طيبون، وشبابها مثقفون قوميون وحدويون، شيوخها قضاة حق وحقيقة، رجالها صناديد، وطيبها وصفاؤها وتسامحها مضرب الامثال».
بيئـته الاجـتمــاعــية:
كانت الحياة الاجتماعية في كفر سوم قائمة على قواعد الانتماء للعادات والتقاليد العربية الموروثة، فشيخ العشيرة هو القائد والمرجعية في كل الامور والقضايا التي تخص المنطقة، يقول الشيخ تركي عن الحالة الاجتماعية في منطقة زعامته: «كانت العلاقات الاجتماعية في منطقتنا «الكفارات» هي نفسها العلاقات فيما بين المناطق الشمالية الاخرى وتقترب كثيرا من الحياة الاجتماعية في حوران والجنوب السوري، الا ان قرانا وخاصة كفر سوم تجاوزت سياسة التجهيل والامية التي كانت سائدة في العهد العثماني فكان اهلها يحرصون على تعليم اولادهم في الكتاتيب، ويعود الفضل في ذلك الى شيوخ عائلة العمري التي توارثت هذه المهنة الشريفة في قرانا، اما الشيء الذي ميز كفر سوم عن غيرها، فهو عدم انخراط رجال القرية في الوظائف الحكومية باستثناء تمثيل العشيرة في مجلس الولاية والقضاء. وعلى الرغم من توفر المؤهلات العلمية ولو انها كانت قليلة، واذكر انها كانت تنطبق على سبعة رجال اكملوا تعليمهم في دمشق والازهر. الا ان الوظيفة الحكومية وبخاصة في الجيش التركي، كانت بنظرنا غربة غير مأمونة العودة، بالاضافة الى انها تفقد الرجل حريته، فانا- مثلا- لم اقبل الوظيفة لانني فضلت البقاء في قريتي لاخدم اهلي وعشيرتي».
وقد نظم الشيخ كايد ومن بعده الشيخ تركي وبالتعاون مع وجهاء العشيرة، العلاقات الاجتماعية مع عشائر المنطقة، يقول الشيخ تركي : «كانت العلاقات الاجتماعية مع العشائر الاردنية علاقات متميزة بنيت على ارضية الوئام والمحبة، والتصاهر، فوالدي تزوج من عائلة الطوالبة، وعائلة العكش، وبناتنا تزوجن في الكورة مع الشريدة، ومع الروسان، وتوسعت دائرة العلاقات مع عشائر مدينة اربد، فتزوج فايز العزام من آل التل، والامثلة على ذلك كثيرة».
نشـأته وشـبابـه :
ولد تركي في بلدة كفر سوم عام 1893م، وهو الابن البكر لوالده الشيخ كايد المفلح، تعلم القراءة والكتابة على يد الشيخ عبدالله العمري في مكتب لتعليم وحفظ القرآن الكريم. واصول الكتابة والقراءة، وكان مكتب العمري الوحيد في البلدة، ومن اشهر الكتاتيب في المنطقة، ومدة الدراسة فيه خمس سنوات، ويشهد له اقرانه بسرعة البديهة، والحفظ السريع، والخط الجميل، واكمل دراسته الرشدية في مدارس دمشق على نفقة المكرمة السلطانية، ويعد الشيخ تركي تلميذا مجتهدا في مدرسة والده، حيث تعلم عنه كل اساليب الحياة الاجتماعية، في بيئة كانت التحالفات العشائرية سيدة الموقف، لان الحكم العثماني كان في المناطق البعيدة عن جسم الدولة لا يملك مقومات الامن ونشر الاستقرار، فعاشت المنطقة حينذاك فترة من الفوضى والاضطراب، الحقيقي مثل طرفيه البدو والفلاحون، حيث اعتاد البدو الاكثر جوبا في الصحراء بالتعدي على المناطق الامنة دون رقابة او ضابط نظام، فكان الامر مألوفا جدا ان ترى البدو يشنون الغارات على مناطق الزرع والماء في مناطق الفلاحين الذين هم اكثر استقرارا في مناطقهم الزراعية. فكانت وحدة القرى وترابطها مع بعضها البعض في هذه المرحلة على اشدها مما حتم قيام النواحي تحت زعامة عشيرة من العشائر تميزت بموروثها الذي يؤهلها لقيادة مجموعة القرى في الحرب والسلم، يقول الشيخ احمد تركي «ابو صائب»: «كانت مرحلة الشباب عند والدي من اصعب مراحل حياته، حيث كان رفيقا لوالده الذي اراد ان يشركه في تنظيم العلاقات العشائرية التي كانت من مقتضيات الظروف لعمل التوازن بين العشائر، فاستطاعت عشيرة العبيدات ان تقيم تحالفا مع بعض النواحي المجاورة مثل عشيرة الشريدة في الكورة، وعشيرة العزام في ناحية الوسطية، ومع ابناء العمومة النصيرات في بني عبيد، فكانت منطقة «الكفارات» اكثر امنا من غيرها بسبب هذه التحالفات العشائرية».
بعد عام 1908م، اصبحت التكتلات العشائرية حالة هامشية امام القضايا، الوطنية والقومية، وحالة النهوض التنويري، حيث اصبح الحكم الانقلابي العثماني يستهدف الهوية العربية، فكانت سياسة التتريك من اولويات حزب الاتحاد والترقي في الولايات العربية، فتأسست الجمعية العربية السرية وبخاصة «الجمعية العربية الفتاة» التي تزعمت نشر الوعي القومي عند الشباب العربي، ومن هنا بدأ الوعي السياسي في قضايا الامة والوطن عند الشاب «تركي» حيث كان عام 1914م، عام الدخول الى دائرة الضوء النضالي ضد الحكم العثماني بعد خلع السلطان عبدالحميد، والبداية كانت من «جباتا الخشب» عاصمة المجاهد احمد مريود المهيدات في الجولان السورية وكان الشاب تركي في العشرين من عمره.
مؤتمر جباتا الخشب :
بتاريخ 8 اذار 1964م، القيت خطابا بمناسبة الذكرى السنوية لثورة الثامن من اذار باسم المنظمات الطلابية العربية في دمشق، وكان الشيخ تركي من المدعوين لهذا المهرجان، حيث كان لاجئا سياسيا في سورية وكنت طالبا بجامعة دمشق، وقد اعجب كثيرا بخطابي وبثقافتي السياسية، وقال لي يومها: «سأأتمنك على اوراقي. وسأزودك من الذاكرة باحداث كثيرة عشتها وشاركت في فعالياتها، علها تكون مادة تستفيد منها في حياتك اذا قدر لك ان تمارس الكتابة والصحافة...» ، وبدأ الحديث عن مؤتمر «جباتا الخشب» الذي يعد من اهم المؤتمرات التي شارك فيها في عهد والده الشيخ كايد المفلح ، وبحضور نخبة من زعماء ومشايخ الشمال الاردني، فقال: «تلقى والدي رحمة الله رسالة من آل مريود عام 1915م، يخبرونه فيها بوفاة السيدة الفاضلة ام احمد مريود، وقد شكل والدي الوفد الذي سيرافقه الى «جباتا الخشب» ، وكنت انا من بينهم.. توجهنا الى جباتا الخشب عن طريق درعا حيث وصلناها مساء اليوم نفسه، وكنا بضيافة الشيخ فاضل المحاميد الذي استقبلنا باطلاق الرصاص فرحا وترحيبا بنا.. وفي صباح اليوم التالي توجهنا الى جباتا الخشب ومعنا الشيخ فاضل المحاميد واسماعيل الحريري، فاستقبلنا المجاهد احمد مريود «ابو حسين» وخاله المجاهد احمد الخطيب، وجمع غفير من مشايخ الجولان، وفي المساء جاءت شخصيات كثيرة من احياء دمشق اتذكر منهم: شكري القوتلي، ونسيب البكري، والحاج اديب خيرو، وعلي اغازلغو، وعبدالرحمن اليوسف، ونبيه العظمة، وجلال البخاري، وعز الدين التنوخي، وحسن الحكيم، وخير الدين الزركلي، وسامي السراج، وكامل القصاب ورشدي الصفدي، وثلاثة من آل العسلي، اعتقد ان من بينهم صبري العسلي وحضر اللقاء ايضا زعماء من جبل العرب، اتذكر منهم: سلطان باشا الاطرش، والامير عادل ارسلان، ومصطفى الاطرش، وشخصيات كثيرة لم اعد اتذكرها، هذا بالاضافة الى الامير محمود الفاعور والشيخ عبدالله الطحان، والشيخ زعل السلوم من وجهاء الجولان»
تحولت مراسم العزاء الى مؤتمر قومي لمناقشة القضايا القومية في ظل الدولة العثمانية، وفي ظل تسلط الحزب الحاكم المدعوم من الحركة الصهيونية والماسونية العالمية، وتركز الحديث حول دور الجمعيات العربية في دفع حالة النهوض القومي الى ارقى مستويات النضال وتحريض الجماهير الشعبية الى ممارسة حقها في التمرد والاضراب، وحديث الشيخ تركي حول هذه المواضيع طال كثيرا «37» صفحة، نختصر منه الفقرات التالية:
«تركزت الحوارات حول الحالة المتردية التي آلت اليها الامبراطورية العثمانية، وحروبها الخاسرة في البلقان واليمن وليبيا، وعن مستقبل العلاقات التركية- العربية في ظل الدولة العثمانية الحديثة التي تخلت عن «الجامعة الاسلامية» التي كانت في عهد السلطان عبدالحميد قبل الانقلاب عليه وخلعه عام 1908م، واثار الشاعر خير الدين الزركلي مسؤولية الاحزاب والجمعيات العربية، وتحدث عن زحمة المشاريع التي تتنافس فوق ارضنا، مع وجود سلطة مركزية تحاول عبثا اللعب على المتناقضات الدولية، واتهم الجمعيات العربية بالتشتت وضياع الوقت اذا لم توحد نضالها، وحمل «الجمعية العربية الفتاة» مسؤولية التصدي لجمع الشمل ووحدة القوى السياسية، وقد ايده السيد نبيه العظمة، الذي اشار الى ان الحركة الصهيونية وجمعية الاتحاد والترقي تربطهما علاقة يكتنفها الكثير من الغموض».
- «وتحدث السيد حسن الحكيم، وكان حديثه يدور حول الاوضاع المضطربة عالميا، ومحاولة الاتراك البحث عن عوامل الاستقرار من خلال التحالف مع المانيا، وتقوية العصبية الاسلامية الا ان الفكر السياسي الذي طرحه الحزب الحاكم لم يكن الا تعصبا للطورانية وليس للجامعة الاسلامية، ولكن حالة الاستقطاب في الولايات العربية لم تكن في صالح الحزب الحاكم، لانها سياسية تكتيكية، كشفها النواب العرب في البرلمان العثماني.
وفي تعليقه على مؤتمر «جباتا الخشب» قال الدكتور حسان مريود «وزير خارجية سورية الاسبق» في كتاب «سيرة احمد مريود صفحة /89/ ما يلي: «تحول اللقاء الحاشد برجالات الامة وقياداتها في جباتا الخشب من مناسبة للتعزية بوفاة السيدة الفاضلة والدة المجاهد الكبير احمد مريود، الى جلسة فكرية سياسية حافلة، ويعلم الخاصة المقربون من احمد مريود انه مثله كمثل جميع المؤمنين، ينطلق من التوكل على الله ومن تحكيم العقل «اعقل وتوكل» وهو يقبل مشيئة الله وقضاءه بكامل الرضى والتسليم. ومن جهة اخرى فهو ينفر ويسفه مظاهر الطقوسية المفرطة من مثل المبالغة بالحزن واطالة مدته. وكان يرى ان كل مناسبة اجتماعية تحقق تلاقي الشعب والقيادات تحقق التواصل والتشاور واتخاذ القرار السليم الذي يخدم كفاح الامة. وكما حقق الحزن على الوالدة اللقاء العتيد، كان يرى ان الافراح مثل مناسبات الزواج اوالختان، تحقق التواصل واتخاذ القرار الانسب لخدمة قضايا الامة».
الجلسة السرية على هامش المؤتمر:
على هامش هذا اللقاء التاريخي اقترح السيد حسن الحكيم عقد جلسة سرية بين وجهاء من الجولان وحوران والشمال الاردني، وذلك من اجل تنظيم حماية الشخصيات السياسية الملاحقة من قبل السلطات الامنية التركية، وتأمين تهريبهم الى الحجاز عن طريق الاردن، واقتصر الاجتماع على: حسن الحكيم، واحمد الخطيب، وفاضل المحاميد، وتركي الكايد ، واتفقوا على مجموعة من الاجراءات لتحقيق سلامة العمل التنظيمي السري، بعيدا عن اعين المخابرات التركية وعن المتعاونين معها، ويذكر الشيخ تركي في اوراقه، ان الاجتماع توسع في اللقاء الثاني، وحضره، احمد مريود، وكايد المفلح ، والحاج اديب خير، ونسيب البكري، وتم الاتفاق على «ان تكون جباتا الخشب المحطة الاولى لايواء الفارين من الظلم العثماني، ويشرف احمد مريود واحمد الخطيب على تأمين حمايتهم ونقلهم خارج حدود المراقبة والخطر وان تكون درعا المحطة الثانية ويشرف على حمايتهم الشيخ فاضل المحاميد، وان تكون كفر سوم المحطة الثالثة، ويشرف على نقلهم الشيخ تركي الكايد واحمد بكار عبيدات، وان تكون المحطة الاخيرة عند الشيخ حديثة الخريشا، ويتكفل بتأمينهم الى الحجاز».
الخطة ما بين النجاح والفشل :
في شهر حزيران من عام 1916م، اخذ حاكم سورية «جمال باشا» يوجه اتهاماته الى المنظمات المدنية بعد ان ابعد الفرقة «25» الى جبهة «غاليبولي» وجميع افرادها وضباطها من العرب، وقرر ان يحاكم الشخصيات السياسية الذين ورد ذكرهم في الوثائق التي عثر عليها في القنصلية الفرنسية بدمشق عند مداهمتها ومن بينهم: عز الدين التنوخي، وجلال البخاري، وعمر حمد، ونجحت الخطة في تهريبهم من جباتا الخشب الى الموقر ولكن النهاية لم تكن سارة فاعدموا جميعهم في دمشق وبيروت وعاليه!! مصادر كثيرة ارخت هذه الحادثة المفجعة على الرغم من نجاحها في بداية المشوار يقول المؤرخ الاردني الاستاذ سليمان الموسى في كتابه «صور من البطولة» صفحة «108-109» ما يلي: «في عام 1915م، اخذ جمال باشا يسوق رجال العرب الى منافي الاناضول، عمد جلال البخاري وعز الدين التنوخي الى الفرار و،لجآ الى الزعيم احمد مريود في قرية جباتا الخشب. عرف الاتراك من جواسيسهم بما حدث، وخشي احمد مريود على حياة ضيفيه، فاعتزم الخروج بهما الى حوران ومنها الى قرية كفر سوم، حيث نزلوا عند الشيخ كايد المفلح العبيدات شيخ عشيرة العبيدات، وكان صديقا لاحمد مريود. ومن هناك رحلوا الى الزرقاء ثم الى الموقر حيث حلوا في ضيافة الشيخ حديثة الخريشة من كبار شيوخ بني صخر. ومن هناك توجه البخاري والتنوخي الى الجوف وكان دليلهم الشيخ فرحان الخريشة»
ويكمل حكاية الرحلة النضالية المؤرخ السوري ادهم الجندي في كتابه «شهداء الحرب العالمية الاولى» بقوله: في شهر تموز اعد احمد مريود العدة للرحيل الى الجوف، وانه اجتمع باصدقائه جلال البخاري وعز الدين التنوخي، عمر حمد، وعارف الشهابي، وعبدالغني العريسي، في موقع «الزلف» منه عرب «الغياث» ومن هناك انتقلوا الى موقع «الهزيم» على امل ان يجدوا الشيخ حديثة الخريشة، ولكنهم وجدوا فخذا من عشيرة السرحان وشيخهم «حمد بن بلي» فما كان من هذا الشيخ الا ان سلبهم ما يحملون من سلاح واموال وامتعة وخيول ظنا منه انهم من الدروز الذين كان على عداء معهم، ولكن احمد مريود ذهب الى الشيخ حديثة فاسترد ما سلبه السراحين». وقبل ان تكتمل الرحلة من نجاحها، عند منطقة الجوف لينتقلوا الى الحجاز، اجتهد نواف الشعلان «وكان اميرا على الجوف» ان يركبوا القطار الى المدينة المنورة وينضموا الى الامير فيصل، ولكن السلطات العثمانية القت القبض عليهم بوشاية من طبيب كردي كان يعرفهم سابقا، ونقلوا الى دمشق وحكم عليهم بالاعدام، اما احمد مريود فبقي في السجن حتى عام 1918م.
وعن هذه الرحلة الكفاحية التي سماها الشيخ تركي بـ «رحلة الموت والشهادة» يقول في اوراقه: «لم نكن نتوقع الانتكاسة لرحلة زعماء الحركة العربية، فقد سارت حسب الخطة المتفق عليها، ويتحمل الشيخ حمد بن بلي الجزء الاكبر من المسؤولية لانه مارس عليهم الغزو بسلب اموالهم وخيولهم مما اخر رحيلهم الى المدينة المنورة، كما يتحمل الشيخ «شهاب الفقير» زعيم عرب «الفقير» الذي طمع بجمالهم واقنعهم بالسفر بالقطار من محطة «مدائن صالح» الى المدينة المنورة، ما اوقعهم في مصيدة الاتراك، علما بان الشيخ نواف الشعلان كان رأيه ان يكون السفر الى المدينة المنورة عن طريق محطة «تبوك» وليس عن طريق محطة «مدائن صالح» ومع كل ذلك يتحمل نواف الشعلان بعض المسؤولية لانه لم يؤمن الحماية اللازمة لهم...»
وبعد القاء القبض على مريود وجماعته، اتصل الشيخ فاضل المحاميد بالشيخ كايد المفلح ، ونصحه بالقدوم الى درعا «لان السلطات العثمانية ستقوم بالهجوم على قرية كفر سوم لالقاء القبض على الرجال الذين امنوا انتقال مريود وجماعته من كفر سوم الى الجوف» وكان الشيخ كايد من بين الاسماء فارتحل ليلا وبرفقته الشيخ تركي وقريبه المرحوم احمد بكار عبيدات، الذي كان عضو الارتباط بين الشيخ كايد والشيخ فاضل المحاميد من درعا، وحلوا ضيوفا لمدة اسبوعين عند الشيخ المحاميد، والشيخ اسماعيل الترك. وبعد اشهر قليلة، اعلن الشريف الحسين بن علي الثورة العربية الكبرى، وتوقفت كل الملاحقات بحق المعارضين للحكم التركي، ومارست سلطة الاتراك سياسة الترغيب والاستقطاب، عن هذه السياسة الجديدة يقول الشيخ تركي: «جاءت الثورة العربية الكبرى بعد ان نفذت السلطات التركية اجراءات قمعية واعدامات بالعشرات من رجال الحركة الوطنية العربية، لذلك استبشرنا خيرا بالثورة، ولم تنفع السلطات التركية سياسة الاسترضاء والعفو العام الذي اصدره السلطان، ولم يتمكن جمال باشا حاكم دمشق من تبييض صفحة تاريخه الاسود عندما استضاف مشايخ الاردن ودعاهم للتعبئة العامة، وقدم لهم الهبات والعطايا، ولكنهم كانوا بقلوبهم مع ثورة الشريف، لانها السبيل لوحدة العرب».
رأيه في الجمعيات العربية السرية:
على الرغم من ان الساحة الاردنية كانت شبه مغيبة عن نشاطات الجمعيات العربية السرية الا ان الشمال الاردني شهد عام 1916م، حضورا لجمعية «العربية الفتاة» وذلك بسبب الحدود المشتركة مع حوران، والعلاقات الجيدة مع زعماء ووجهاء الشمال الاردني مع زعماء ومشايخ ووجهاء الجنوب السوري، ويعود الفضل الى نشر افكار وتوجهات «العربية الفتاة» الى مجموعة من الضباط الذين شاركوا في تأسيس «جمعية العهد» ورفيقتها «الجمعية القحطانية» ومن بعدهما «العربية الفتاة» وفي مقدمة هؤلاء الضباط: علي خلقي الشرايري، وخلف محمد التل، ومحمد جلال القطب، وفواز بركات الزعبي، ومحمود ابو غنيمة، واحمد التل «ابو صعب»، وجميعهم من قضاء اربد «انذاك»، اما اوائل الذين انخرطوا في العمل السياسي في اطار هذه الجمعية فهم: سليمان السودي، عبدالقادر التل، قاسم الغرايبة، ناجي العزام، تركي الكايد، قويدر سليمان، وكانت المناشير والبيانات تصل اليهم عن طريق الطلاب: مصطفى وهبي التل، ومحمد صبحي ابو غنيمة، يقول الشيخ تركي: «كان والدي يتابع باهتام نشاطات الحركة العربية، ويدعوني الى الاهتمام وقراءة ادبيات هذه الحركة التنويرية، وكنا ننتظر العطلات المدرسية في دمشق، وقدوم الطلاب الى اربد، واكثرهم نشاطا ووعيا صبحي ابو غنيمة ومصطفى التل «عرار»، فحضورهم الى اربد، يعني لنا حضور البيانات والمناشير التي تصدر عن العربية الفتاة، ومازلت احتفظ ببعض هذه المناشير حتى الان واعتقد ان الصديق المحترم عبدالقادر التل كان يضع هذه المناشير في حفرة بالقرب من مخزن المونة، لانه قدم بعضها للامير عبدالله عندما استضافه في ديوان العائلة عام 1919م، ولا اعرف بالضبط اذا كان الامير عبدالله قد طالب بهذه المناشير...»
ومن بين الوثائق التي وجدتها في اوراق الشيخ تركي هي :
- رسالة المجاهد احمد الخطيب للمشاركة في عزاء السيدة ام احمد مريود، مؤرخة في 24 رجب 1223 هـجري.
- بيان صادر عن اللجنة الوطنية بدمشق تاريخه 5/11/1919م، وعليه توقيع محب الدين الخطيب.
- رسالة من اللجنة الوطنية بدمشق، مؤرخة يوم 10 ربيع الاول 1338 هجري، وفيها دعوة لاحد اجتماعات اللجنة العليا، ومنها لجنة قضاء عجلون الفرعية.
- كتاب رسمي من محافظ حوران، رقم /102/ تاريخ 17 تموز 1920م، بتسمية الشيخ تركي «شيخا ورئيسا على ناحية الكفارات وعضوا في مجلس ادارة القضاء».
- كتاب رسمي من قائم مقام قضاء عجلون، رقم -1966- تاريخ 26/5/1920م، يقضي بتسمية «تركي افندي عضوا في مجلس ادارة الولاية عضوا عن والدكم المرحوم كايد افندي المفلح ».
كانت ملاحظاته كثيرة على المسألة التنظيمية للجمعيات العربية، وبخاصة الجمعيات، التي تأسست قبل «العربية الفتاة» لانها اهملت معظم الساحات العربية وبخاصة الساحة الاردنية، وقد جاءت هذه الملاحظات في اوراقه، وفي احاديثه الخاصة مع القوى والشخصيات السياسية الاردنية، وفي حديث مطول في الاذاعة الاردنية عام 1976م، ومن اهم ما اخذ على الجمعيات:
اولا: انها جمعيات قليلة التوسع في دائرة الجماهير العربية «واقتصر استقطابها على الطلاب الدارسين في البلاد الاوروبية والمدن التركية، ولم تعط اهتمامها لابناء الوطن في الداخل، وان حدث ذلك فقد كان يجري على نطاق ضيق، وبخاصة بين ذوات المدن الكبرى. حتى السيد نجيب عازوري الذي دعا الى تأليف دولة عربية مستقلة عن الباب العالي كانت حركته في عزلة عن الجماهير الشعبية ولم نسمع بها الا بعد الحرب العالمية الاولى». ويؤكد الشيخ تركي على انعزالية معظم الجمعيات عن الولايات العربية «وكانت هذه الانعزالية عن الولايات وانقطاع الصلة بالقوى الوطنية السمة المميزة، لانهم يعيشون خارج البلاد....».
ثانيا: لم تحدد هذه الجمعيات معالم الصراع لصالح الاستقلال العربي التام عن الامبراطورية العثمانية، بل ان بعض هذه الجمعيات «دعت الى ان يكون السلطان التركي ملكا على العرب والترك، وان تمنح الولايات العربية الاستقلال «الذاتي» في نطاق الدولة العثمانية». ويبدو ان الشيخ تركي كان يقصد «الجمعية القحطانية» كونها الاولى في رفع هذا الشعار .
ثالثا: معظم تلك الجمعيات كانت تعكس مصالح الاوساط البرجوازية الوطنية مغفلة دور المنظمات الشعبية والشرائح الاجتماعية، صاحبة المصلحة الاساسية في الثورة والتغيير.
رابعا: انفرد الشيخ تركي بتوجيه الاتهام الى شخصيات عربية كبيرة المستوى باختراق الجمعية القحطانية فيقول: «كان مركز الجمعية القحطانية في القسطنطينية ولها فروع في خمس مدن اخرى، وفي الايام الاولى من تأسيسها قامت باعمال تنظيمية عارمة الا انها لم تقم بعمل نشيط في خاتمة المطاف. وبين انه كان بين اعضائها عملاء مدسوسون ولذا اتخذ عزيز علي المصري بالتعاون مع علي خلقي الشرايري، وعزت الجندي، قرارا بحل الجمعية، واسسوا جمعية «العهد» شديدة الصرامة». ولم يذكر الشيخ تركي اسماء الذين اتهمهم بالعملاء، ونذكر ان الذين اسسوا «القحطانية» هم: عبدالكريم الخليل، والامير عادل ارسلان، وعزت الجندي، ومحمد كرد علي، وعارف الشهابي، وعلي النشاشيبي، بالاضافة الى عزيز المصري وعلي خلقي الشرايري.
اما «الفتاة العربية» فهي سيدة الجمعيات التي استمرت في قيادة النضال الوطني.
الشيخ تركي ومعركة تل الثعالب :
يقول الشيخ تركي عن ادراك مخاطر اللعبة الانجليزية الفرنسية المشتركة تجاه الوطن العربي بعامة، وسورية بطبيعة خاصة، وعن بدايات التفكير بالثورة، والدعوة للجهاد المقدس دفاعا عن عروبة فلسطين، ما يلي: «بعد انتصار الحلفاء، وتحرير الحجاز وبلاد الشام، ورفع العلم العربي في سماء دمشق، وموقف الحلفاء من طموحات الامير فيصل، تأكد ان قوى الشر الغربية ستنقلب على العرب، فتداعت الزعامات الوطنية في الشمال الاردني لعقد مؤتمر يقررون فيه الهجوم على المعسكرات البريطانية والمستوطنات اليهودية في الشمال الفلسطيني، فتحقق ذلك بعقد مؤتمر «قم» يوم 6 نيسان 1920م، في ديوان الشيخ ناجي العزام».
ومن الشخصيات الوطنية التي شاركت بهذا المؤتمر الوطني التاريخي نذكر الأسماء التالية :
كايد مفلح عبيدات- سليمان السوري- حسين علي الطوالبة- محمد الحسين حمادنة- راشد الخزاعي- عبدالقادر التل- شحادة التل- رشيد التل- عبدالمجيد الدلقموني- محمد المقبل- مصطفى حجازي- حسن عبدالوالي- محمود فنيش نصيرات- فارع النمر- كليب الشريدة- محمد الشريدة- محمد الحمود الخصاونة- نجيب فركوح- محمود الخالد- فارع النمر- قفطان عبيدات- عزام جبر عبيدات- ناصر فواز بركات الزعبي- مشوح ابو العين- سالم الهنداوي- محمد الغزاوي- عقاب الظاهر- عبدالرحمن ارشيدات- فالح السمرين- قويدر السليمان- ناجي العزام-تركي كايد عبيدات .
ويقول الدكتور شحادة الناطور في مقالة له في جريدة «الشعب» العدد «2567» الصادر يوم 12/5/1990م، «ومن بين قرارات مؤتمر «تم» توجيه الدعوة الى وجهاء فلسطين: يوسف الايك، ومحمد المغربي، ومحمود شتيوي، وعبدالله الفاهوم، ونايف الزعبي...»
ويذكر الشيخ تركي بان اصغر اعضاء المؤتمر سنا واشدهم حماسة هما «الشاعر الكبير مصطفى وهبي التل، ومحمد صبحي ابو غنيمة، حيث حضرا من دمشق للمشاركة بالمؤتمر» وتقول الاستاذة هدى ابو غنيمة عن مشاركة والدها في مؤتمر «قم» في محاضرتها، يوم 4 نيسان 1998م بجامعة اليرموك ما يلي: «في الساعة الواحدة ظهر يوم السادس من نيسان سنة 1920م، التقت الزعامات العشائرية والسياسية والقوى الوطنية الاردنية ووجهاء فلسطين في لواء عجلون في قرية «قم» وعقدت اجتماعها التاريخي الذي اطلقت عليه اسم مؤتمر قم برئاسة الشيخ ناجي العزام زعيم ناحية الوسطية، وذلك بناء على اقتراح اللجنة التحضيرية للمؤتمر التي كان محمد صبحي ابو غنيمة من اعضائها وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، والقى كلمة حماسة اكد فيها على حق العرب بالمقاومة ورفض السياسة البريطانية، التي ترمي الى سلخ فلسطين عن الوطن، وتقديمها هدية مجانية لليهود، الذين بدأوا باقامة المستوطنات في اراضي سمخ وجوارها، باشراف القوات البريطانية، وبحماية من المندوب البريطاني صموئيل اليهودي....».
كانت معركة «تل الثعالب» بالقرب من سمخ» اول التجارب النضالية للشيخ تركي، ضد الجيش البريطاني ومعسكراته، وضد المستوطنات اليهودية في الشمال الفلسطيني.. وقبل التوجه الى ارض المعركة قال له والده الشيخ كايد ، المكلف من المؤتمرين بقيادة الهجوم وادارة المعركة: «اريدك يا ولدي ان تكون قدوة المجاهدين ومثلهم الاعلى، لا تفكر الا بالنصر وطرد اليهود وملاحقتهم. ان اعين الرجال ستكون باتجاهك، اوصيك بالثبات، فالانسان لا يموت الا مرة واحدة، واشرف انواع الموت الشهادة على تراب فلسطين، ومن اجل فلسطين لان مقدساتها امانة في اعناق جميع المسلمين واولهم نحن العرب».
وكان المقاتل تركي عند مستوى توصية والده فقال له: «اني لها يا والدي، ولن اكون الا ما تريد ان اكون، المجاهد المقاتل من اجل فلسطين وعروبتها.. اقسم بين يديك سأقاتل خلف خطوط العدو، وسأحمي رفاقي باذن الله....»
كانت مهمة الفارس تركي قيادة المجموعة الثالثة المؤلفة من اربعين مجاهدا، يعاونه في قيادتها المجاهد الكبير عبدالرحمن العبويني، ومهمتها القتال خلف خطوط العدو بعد ان تلتقي بالمجموعات الفلسطينية القادمة من بيسان الى ارض المعركة، بناء على اتفاق مسبق مع المجاهدين عبدالله الفاهوم ومحمود شتيوي، وبدأت المعركة، ونترك الحديث للقائد البريطاني الجنرال «كركبرايد» الذي قال في تقرير بعثه الى حكومته يوم 22 نيسان 1920م، والمحفوظ في دار الوثائق البريطانية تحت رقم /126/24/ ما يلي: «وعند اقترابنا من الجسر فوق نهر الاردن، سمعنا اصوات عيارات نارية من جهة الشرق، وفي البداية حسبنا انها العيارات التي يطلقها الجنود عند اجراء التمارين، ولكن الاصوات لم تلبث ان تبدلت من اصوات عيارات متفرقة الى صليل اطلاق نار لا يسمعه المرء الا في اشتباك كبير. ومرت طائرة فوق رؤوسنا وشاهدناها تلقي قنابلها على سفوح التلال الشرقية قبل ان تعود وتهبط بالقرب من محطة السكة ومضينا الى الامام ولم نلبث ان رأينا نحو ثلاثين او اربعين من الخيالة العرب يتجهون نحونا بادرنا الى الفرار بصورة مخزية:
فلحقنا العرب مسرعين وهم يطلقون النار بين الفينة والاخرى باتجاهنا، ولم يكفوا عن مطاردتنا الا بعد ان صرنا من المحطة على بضع مئات من الخيالة العرب».
وعن الطائرة البريطانية التي كانت تقصف التلال الشرقية يقول كركبرايد: «تبين لنا ان الطائرة البريطانية التي كنا شاهدناها، قد هبطت لان الطيار اصيب بجرح خطير من طلقة بندقية، كما تبين ان اصابات وقعت في الجنود، وكان احدهم ضابط اشارة، اطل من النافذة فاصابته طلقة في صدره». وماذا يقول الشيخ تركي عن هذه المعركة؟؟
«كانت الخطة تقتضي بتقدم مجموعتي «وهي الثالثة من اصل خمس مجموعات» وهي اصغر المجموعات عددا لان قتالنا كان خلف خطوط العدو، وحسب الاتفاق مع الضابط العربي في الجيش البريطاني محمد الهندي، ان ندخل المعسكر ونأسر الجنود ونستولي على الاسلحة بعد استسلامهم، فاندفعت باتجاه المعسكر، واشتبكت مع قوات الجيش البريطاني، ومجموعات يهودية بقيادة يوسف ابو ريشة، الذين بادروا هم باطلاق النار، ولم يستطع محمد الهندي معالجة الامر، امام هذا التطور وبعدما شاهدنا الطائرات تقصف المجموعات الاخرى قررت ان يكون قتالنا حتى الشهادة، وان يكون هدفنا قتل اكبر عدد من اليهود والانكليز، وبينما كنا في هذه الحالة جاءتنا النجدة وسلمنا من الموت».
عن نجدة المجموعة الثالثة وانقاذها من قصف الطائرات البريطانية، يقول الاستاذ سليمان الموسى في كتابه «صور من البطولة» صفحة /162/ ما يلي: «وقد استذكر الشيخ كايد المفلح ، ولده تركي ، الذي كان يطارد ومجموعته فلول اليهود.. فخاف على ارواح المجاهدين ان تذهب من دون مقابل. وخشي ان يتراجع وان ينقطع حبل الاتصال مع تلك الفئة المتقدمة، فلا يكون بمقدورها التراجع فيما بعد واللحاق بهم، ومن هنا، فانه عقد عزمه على التراجع، بعد ان اتضح انه ومن معه لا قبل لهم بمواجهة اسلحة العدو التي دخلت المعركة بعد وصول التعزيزات والنجدات العسكرية القادمة من سمخ وبيسان وطبريا....».
لقد تم انقاذ المجموعة الثالثة بكامل ثوارها ، ولكن الطائرات البريطانية ركزت على قوة الانقاذ، فاستشهد الشيخ كايد وشقيقه المجاهد فندي، وابن شقيقه سلطان، وابن عمه قفطان ، كما استشهد في هذه المعركة المجاهد محمد الحجات ، وثلاثة من مجاهدي حوران ، وجدت رؤوسهم مقطوعة بارض المعركة.
ثمن الملك فيصل وحكومته العربية الفعل الجهادي الذي اقدم عليه اهل الشمال الاردني، وتأثر كثيرا لاستشهاد الشيخ كايد، فاصدر امرا لمتصرف لواء الحوران بتكريم الشيخ تركي الكايد، بتعيينه زعيما لناحية الكفارات وعضوا لمجلس ادارة القضاء، فصدر الامر الاداري التالي: «بناء على الامر الصادر من جانب معالي متصرف حوران المؤرخ في 17 تموز 1920م، رقم «102»، ولنا الحق بتعيينكم شيخا ورئيسا على ناحية الكفارات وعضوا في مجلس ادارة القضاء على ان يصير انتخابكم مجددا عند انتخاب اعضاء مجلس الادارة، ولاجله صار ابلاغكم ذلك. وتسطير هذا المنشور في ديوان قائم مقامية قضاء عجلون. تحريرا 26/5/1920».
بعد مضي سنة كاملة على معركة تل الثعالب، وبالتحديد يوم 20 نيسان 1921م، قامت الطائرات البريطانية بغارة غاشمة على قرية كفرسوم واستهدفت منزل الشهيد كايد ، فاصابت الشاب خلف الكايد ابن الشهيد في كتفه، وبعد مدة لم تكن طويلة توفي الشاب خلف ، ربما من تأثير الاصابة، فعلق الشيخ على هذه الحادثة بقوله:
«ان بريطانيا تعرف جيدا، ان قرانا ومنازلنا ستكون بتصرف اخواننا احرار سورية، واننا سنكون معهم في ثورتهم على الفرنسيين، لذلك قصفوا منزلنا».
نصرة أحـرار سـوريـة
بعد دخول القوات الفرنسية مدينة دمشق، اصدر الجنرال غورو مجموعة من القرارات والتعليمات والاحكام التي تضبط سيطرته على سورية الداخلية، والتي تحد في تلك الظروف من تفكير بالمجابهة الشعبية- فكل القوى الوطنية والشخصيات السياسية والحزبية والعسكرية في حالة احباط ومرارة بعد انتكاسة ميسلون وسقوط الحكومة العربية، ولم تعد تعرف مصيرها ولا الى اي مكان تتجه فكانت الصدمة قوية، والانتكاسة اقوى، ولم يدم التفكير طويلا، فالتوجه الى الاردن هو الخيار المؤقت لمعظم احرار سورية، ومن الاردن سيبدأ العمل الثوري الجهادي، وتنظيم المقاومة الشعبية، وحرب الجهاد المقدس ضد الاحتلال الفرنسي، لان شرق الاردن ظلت حوالي تسعة اشهر في حالة من الفراغ السياسي والاداري وبلا حكومة مركزية تحافظ على الامن والنظام، فقد قضى جيش الاحتلال الفرنسي على استقلال سورية الطبيعية في شهر تموز 1920م، ولم يتقدم لاحتلال الاردن لانها ضمن منطقة النفوذ البريطاني بموجب اتفاقية المؤامرة المعروفة باتفاقية سايكس - بيكو. ولم يكن لدى الانكليز- كما يقول لورنس- قوات كافية لفرض الامن في المنطقة، لهذا فان الوضع الخاص في الاردن كان عظيم الفائدة للوطنيين الذين غادروا دمشق مع الملك فيصل، وللمجاهدين الثوار الذين غادروا مواقعهم القتالية بعد الاحتلال الفرنسي وتوجهوا الى الاردن، وبخاصة ثوار الجولان وحوران وجبل الدروز، فقد اصبحت الساحة الاردنية قاعدة متقدمة لهم، من اراضيها انطلقت العمليات الجهادية، ومن اهلها لاقوا كل وسائل الدعم المادي والعسكري والادبي.
ونظرا للعلاقات التاريخية القديمة بين المجاهد احمد مريود والشيخ تركي الكايد ووالده الشهيد كايد ، توجه مريود الى كفرسوم على رأس مجموعة من المجاهدين قيل ان عددهم تجاوز الثلاثمائة مجاهد.
يقول الاستاذ سليمان الموسى في كتابه «صور من البطولة» عن نزوح ثوار الجولان الى الاردن ما يلي: «... اما احمد مريود، فقد جاء الى الاردن على رأس جماعة مسلحة من رجاله الى قرية كفرسوم، فنزلوا ضيوفا على عشيرة العبيدات، فاحسن رجالها وفادتهم واحتفلوا واحتفوا بهم واعدوا لهم دور السكن طيلة عامين».
وحول هذا الحدث يقول الشيخ احمد تركي عبيدات، ما يلي: «وصل ثوار الجولان الى كفرسوم في الاسبوع الاول من شهر اب 1920، والقرية مازالت تلبس السواد حدادا على ارواح شهداء معركة «تل الثعالب» وقد استقبلوا عند مشارف القرية من شمالها، استقبالا حافلا، وكان والدي وعمي «عزام» في مقدمة المستقبلين، وقد بدأت مرحلة جديدة من النضال ضد المستعمرين.. ان ما حدث بين اهل القرية وبين المجاهدين الذين اختاروا كفرسوم ملاذا لهم وقاعدة لنضالهم، اشبه بالذي حدث ما بين المهاجرين والانصار على يد رسولنا الكريم يوم هجرته من مكة المكرمة الى المدينة المنورة، لقد وضع مشايخ القرية كل ما يملكون بتصرفهم، واقتسموا واياهم الارض والمنازل، واصبحوا عائلة واحدة، ومازالت بعض الاراضي حتى الان تعرف بارض آل مريود وجماعتهم، ومنها ارض «المربعة» و «الكسارة» وكانت المدة التي قضوها في كفرسوم تزيد عن الثلاثة اعوام، ومازالت العلاقات بيننا وبينهم جيدة».
وفي 11 اب 1920م، اقام الشيخ تركي حفلا تكريميا للمجاهدين ولقيادة حزب الاستقلال وفي هذا اللقاء التاريخي اعلن الشيخ تركي حالة التآخي بين المجاهدين واهالي قرية كفرسوم وقال في كلمة مؤثرة ذكر بعض فقراتها المؤرخ السوري احمد عطا الله في كتابه «صور مشرقة من نضال حوران» صفحة /127/: «.. هذه كفرسوم ... تعود من جديد، تحتضن الثوار ابطال معارك الحولة، والقنيطرة، ومرجعيون، وميسلون، كما احتضنت عام 1915م، جلال البخاري وعز الدين التنوخي وسعيد حمد وغيرهم من احرار سورية الذين لجأوا الى كفرسوم هربا من ظلم السفاح جمال باشا، واليوم نتشرف بوجودكم بيننا، انتم المهاجرون ونحن الانصار، نقتسم واياكم كسرة الخبز، والارض والمزارع والبيوت.. هذا عهد الله بيننا حتى يهون الامر للجميع.. باسم عشيرتي وباسم قرى الكفارات، اعلن التآخي بيننا. اللهم اشهد.. واهلا وسهلا بكم».
دوره ورأيـه في حـكــومـة اربد المحـليـة
شارك الشيخ تركي في المباحثات التي جرت بين زعماء الشمال الاردني ونائب المندوب السامي البريطاني «سموست» في بلدة «ام قيس» يوم 2 ايلول 1920م، ونت